تفكيك الاسطورة شعرياً
بلاغة الوسمي في هذيان مالم يقله جلجامش
خلاصات :- يحاول هذا المقال الوقوف على ابواب التجربة الوسمية في الشعر العراقي الحديث ، أقول انها تجربة، وهي بهذا المعنى تمتلك من الثراء ما يجعل القراءة اعادة اكتشاف .
حيدر فوزي الشخص والشخصية القابعة في احدى المدن العراقية انها بابل الاسطورة والمدينة . ولد كأيّ كائن حي غير ان المسافة التي أيقضته هي لحظات الغياب المعلنة في تاريخه الشعري ، ومن هنا فان ما استنتجه القراء بقراءة عابرة لنصوصه لم تقف عند ماله فسقطت أسيرة لنوايا مسبقة ومعان بائتة في الذهن .
أولا - الدخول خروجاً
يقوم نص الوسمي على اختلاج الاساطير البابلية وتفكيك منظومة المرويات الميثولوجية عبر تغيير المحتوى والقناع ، ومن هنا يبدو نصه الشعري المعنون بـ" مالم يقله جلجامش " حكاية أفقية تبدأ ب" المبدأ أو المدخل" الذي يحدد الشاعر بوساطته أجواء النص ومناخات الملحمة الشعرية " في البدء كان كلكامش الاوحد ، فجاء انكيدو ليعلمه بأنَّ النشيد الالهي لن يكتمل دونه "
يبدو المدخل محددا لغرضية الوجود والعدم الفلسفية ، الكمال والنقص الصوفية ، الواقع و المثال الميثولوجية وعبر هذا الابداء ينكشف عن محددات الشخصية ومعالمها السيكولوجية
يقول : (ودارت أرضي الصحراء يأكل وجهها الملح )
ثانياً:- الخروج دخولاً
تقوم تجربة الوسمي الشعرية على تقليص مدى الواقع الموضوعي ؤعبر الغاء العنصر الكنائي وهي سمة بارزة في جميع ماكتب ، فلا داعي بعد الان الاقتراب نحو عوالمه عبر اليات الشرح والتفسير لاننا حتما سنقع في الفخ المقموع المحذور
غير ان العناية بشكلانية القصيدة وتنميطها الخارجي يفقده قوة الانتظام والديناتمية ومن هنا كانت خواتيمه الشعرية مقفلة يموت فيها المعنى حين نفكر في انقاذه ، ويأفل في مدى الكلمات
اقصد بذلك ان التكنيك الشعري كان تكنيكا مزدوجا يعتمد على القص والحوار والاسترجاعات المحذوفة والتادوير اللاعروضي في بنية القص وجوهره وهذا التدوير أودى بحياة النهايات والخواتيم الى سلة المعنى الاحادي حيث
لا هناك سوى سلة العنب .
وهناك خصيصة اسلوبية اخرى يتمتع فيها نص هذيان وهي اللغة الايروسية في تصوير الواقع غير انه نص لم يقم على اساطير الحب وربات الجمال وان كان من ذاك رائحة ودخان فهي ليست منه بشكل مباشر وانما من اللاعي الذي تسرب ايضا الى تكوينات النص وتسسل بفعل مهيمنات حاضرة في الذهن والوعي
وتبقى دلالةاقتفاء الالام ودلالة الحمل هي الاروع في القصيدة : ( وحملت ربا أشاطره الجنون ) ( الالام عيسى تقتفي الالامي )
تبقى هناك
خصيصتان جوهريتان أود ان انبه الشاعر اليهما وهما :-
1- يعتمد النص على التوالى الاسطوري والحشد الفلكلوري وهي خصيصة واضحة لكل من يقرأ القصيدتين
2- يحاول الشاعر تفكيك الاساطير الشائعة والمعروفة ومن ثم بناء عوالم شعرية تقوم على مبدأ التضاد الدلالي وهي خصيصة بقدر روعتها الا انها امام مزلقين خطيرين
أ- انها تجعل النص لحظة القراءة مقابلاً
لنصوص سابقة
دون أن تتجاوزها وهي ماو قعت به قراءة الاستاذ محمد جابري وغيره .
ب- ان هذا الاعتماد يجعل من نصوصه الكثيرة والمتعددة نصا واحدا أو قصيدة واحدة على الرغم من الاختلاف العروضي بينهما الا انها على المستوى التقني والدلالي تبقى واحدة دون ان نلمس تطورا ملحوظا على مستوى الاداء الشعري وهذا ميفسر حضور الذات في كل شعره ، حضورا لا يختلف يل يتوحد .
ان شعر حيدر فوزي ، وصادق الطريحي ، وآخرين قرأت لهم جيدا يشكل مرحلة اتباعية جديدة في الشعرالعراقي الحديث نتمنى ان تطور تقنياتها الكتابية وتوزسع من دائرة اشتغالها الشعري ، نحن نتحدث الان بصيغة الجمع التي ستشكل في قابل الايام الغيم الذي سيمطر عراقيا في سماء الشعر
نرجو منكم التعليق
من تحياتي عبد الرحمن الخالدي تاج